على اثر الأحداث الأخيرة وردود الفعل العنيفة التي وقعت في بعض العواصم الاسلامية احتجاجا على بث فيلم أمريكي سخيف من الدرجة الثالثة يستهزئ فيه المخرج برسولنا الكريم ويظهره بصورة سلبية جدا , استوقفني ما حدث وأخذت أتأمل ما حدث محاولا فهم وتحليل ما حدث بصورة واقعية وبعيدة عن العاطفة
فالفيلم الذي تم انتاجه بفضل تبرعات لبعض الأشخاص المتطرفين من اليهود والأقباط والكارهين للاسلام , والذي تم تصويره بطريقة بدائية وبأسلوب ركيك وأداء بليد هاو , كان غرضه واضح , ألا وهو استفزاز مشاعر المسلمين الغيورين على دينهم حتى تحصل ردة الفعل العنيفة التي خطط لها هؤلاء الخبثاء والتي وصلت ذروتها حين تم قتل السفير الأمريكي بليبيا وبعض موظفي السفارة الأمريكية هناك والتمثيل بجثته , وحرق المقر ونسفه بالصورايخ
ولسائل أن يسأل لماذا تم بث الفيلم في هذا الوقت بالذات ؟ وما هي الأهداف القريبة والبعيدة من ذلك ؟
ان التوقيت يزامن ذكرى أحداث الحادي عشر من سبتمبر , التي وقعت منذ حوالي احدى عشر سنة خلت , تلك الحادثة التي خلفت آلاف القتلى من المدنيين والتي اتهمت فيها القاعدة بتدبير وتنفيذ تلك التفجيرات . حينها خرج لنا سيئ الذكر جورج بوش رئيس الولايات المتحدة حينها ليعلن حربا صليبيبة جديدة ضد " أشرار العالم " , وليحذر من خطر الارهاب الاسلامي الذي يسبب الدمار والخراب في العالم . بعدها بمدة وجيزة تم اعلان الحرب ضد حركة طالبان وتنظيم القاعدة وأيدت أغلب دول العالم ذلك القرار , وجندت أغلب وسائل الاعلام قنواتها التلفزية والاذاعية لتشعرنا بجسامة ذلك الخطر الداهم المتربص لنا والذي علينا أن نحاربه ونقضي عليه , حتى يسود السلام في العالم .
دخلت أمريكا أفغانستان بمساندة علنية من جارتها باكستان وقصفت بطائراتها وصواريخها وقنابلها أراضي تلك الدولة الفقيرة والتي تتهم يايواء زعماء تنظيم القاعدة , فقتل من قتل وجرح من جرح وكان أغلب الضحايا من الأبرياء العزل وكعادتها كانت أمريكا تعرب عن أسفها .
بعدها أتى الهدف الرئيسي لهاته الحملة الانتقامية , والوجهة هذه المرة كانت بلاد الرافدين وزعيمها الدكتاتوري صدام حسين الذي يعد , حسب العالم الغربي , أكبر عدو للسلام والأمن في المنطقة , لكن كان لا بد من ايجاد تبريرات وذرائع لهذا الهجوم , لأن صدام مبدئيا معاد لتنظيم القاعدة ولا علاقة له من قريب أو من بعيد بها لكن كل شيء ممكن
والآلة الاعلامية الغربية بامكانها , ولو بالادعاءات الباطلة , ايجاد علاقة افتراضية بين العراق والقاعدة وهذا ما وقع فعلا
اذ رغم معارضة الأمم المتحدة وبعض الدول النافذة , شنت الولايات المتحدة الأمريكية باعانة حلفائها حربا غير مسبوقة على العراق دمرت فيها بنيتها التحتية وجيشها وسوتها بالأرض وأحالتها الى خراب صرصر , وقتلت آلاف الأرواح البريئة
تحت ذريعة مواجهة الارهاب .
قبلها , نشر كاتب مغمور بريطاني من أصول هندية يدعى سلمان رشدي كتابا باسم " الآيات الشيطانية " تعرض فيه بالسوء للرسول وزوجاته , وكانت ردة الفعل كالعادة عنيفة ووصلت الى حد اهدار دم ذلك الكاتب , وتسبب ذلك في ذياع صيته وشهرته ومن لم يسمع به ولم يقرأ له سابقا أصبح متشوقا لقراءة كتبه , كيف لا وهو الذي أصبح عدو الأمة الاسلامية , ومهددا في حياته بسبب أفكاره ومعتقداته , فتلك جريمة كبرى , في نظر الغرب , أن يتم الاعتداء على حرية الفكر والمعتقد . كانت صور المظاهرات التي تحرق علم أمريكا " البلد الرمز " ومنظر الشباب وعيونهم مليئة بالحنق والغضب وهم يتوعدون ويهددون بالويل والثبور , تلف قنوات العالم وكانت التعاليق مستنكرة لتلك المشاهد المخيفة والهمجية ( حسب تصويرهم ) لمجرد كتاب من بين ملايين الكتب .
وبما أن الكاتب نال شهرة لا مثيل لها , أصبح التعرض للاسلام والقدح في رموزه موضة , وسببا لنيل النجاح وتحقيق المكاسب المادية , ونضالا من أجل الحرية . فخرجت علينا كاتبة أخرى " تسليم نصري " بكتاب مشابه , وبعدها أتت الرسوم الكاريكاتورية وحادثة حرق القرآن الى غير ذلك من تلك الأحداث المتعاقبة وكانت ردود الفعل متشابهة , عنف , حرق , تهديد , تظاهر ثم سرعان ما يخبو ذلك الحماس , بينما على الصعيد العملي لا شيء يذكر , كلام فكلام أما الفعل " الايجابي " فلا شيء الا من بعض المحاولات الفاشلة ...
الدفاع عن المقدسات أمر بديهي , لكن هل يكون الدفاع بالعنف والقتل ؟ هل ردة الفعل تلك ستجعل الغرب يحترمنا أم سيكرس الصورة السلبية الراسخة في أذهانهم ؟ هل سيثنيهم ذلك من تكرار ما فعلوا ؟ أو لسنا نقدم لهم أكبر خدمة لضربنا من دون أن نشعر ؟ كلا , هم يقومون بذلك لأنهم يعلمون جيدا أن ردة الفعل ستكون بتلك الطريقة , ولأنهم يدركون طريقة تفكيرنا العاطفية الهوجاء والتي لا تمت للعقلانية بصلة حتى يقولوا في الأخير " انظروا لهؤلاء العرب والمسلمين كيف يتصرفون , أو ليسوا بخطر على العالم ؟
أو ليسوا أبعد عن السلوك الحضاري بعد الأرض عن الشمس ؟
لست ممن يتبع سياسة النعامة , لكن حان الوقت كي نكون نكون أكثر ذكاء وأكثر عملية وايجابية . لا يجب أن تكون ردود أفعالنا مبرمجة على المنوال " البافلوفي " , فالدفاع عن الدين لا يكون بالعنف والقتل والحرق ورشق الحجارة فذلك لن يفيد ولو كان سيفيد على المدى البعيد لهللت ورحبت به لكن هو يزيد الطين بلة وبدل أن يكون مفعوله ايجابيا يكون له وقع سلبي جدا وآثار وخيمة العواقب .
لم لا ننتج فيلما أو أفلاما عن رسولنا الكريم تعرف به وبما قدمه للانسانية , فالكثير من الناس ( في دول الغرب ) لا تعرف شيئا عن الاسلام ولا على سيدنا محمد , كل ما تعلمه هي صورة سلبية قاتمة تغذيها ردود أفعالنا وتصرفاتنا وسلوكنا الذي هو أبعد ما يكون عن السلوك الاسلامي القويم . لما لا نتبع أساليبا أخرى كالمقاطعة مثلا التي جربناها سابقا لكن سرعان ما تركناها بعد زمن قصير , ان ما جعل بقية الأمم تحتقرنا ولا تبالي بنا هو أننا نحتقر أنفسنا ونحتقر بعضنا , وفي المقابل نمجد الغرب ونتبعهم في كل مسرب وفي كل خطوة يخطونها لكن ليتنا اتبعناهم في علومهم وحضارتهم وثقافتهم , لا نتبعهم الا في سفاسف الأمور ثم بعد ذلك , نغضب حين يهينوننا ويدنسون مقدساتنا ونحن سلمنا أمرنا لهم ؟ أو ليس هذا تناقضا وازدواجية ؟
الخوف كل الخوف مما هو آت , أخاف من أن يكون ما حدث بداية لأمور أكثر هولا , أخاف من أن يتم تقسيم دولنا فتصبح دويلات , أخاف أن نجزأ جزيئات على حسب مذاهبنا ومعتقداتنا وأفكارنا وانتماءاتنا , أخاف من أن نصبح في غيابات الظلمات والتخلف ونحن كذلكــ , أخاف أن نصبح صفحة من صفحات الماضي ..
" ثم لماذا اندلعت التظاهرات في ليبيا ومصر بالذات؟ هل الليبيون أكثر حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر إسلاما من أندونيسيا...من ماليزيا...من باكستان....من إفغانستان..من...ومن..؟؟؟؟لماذا بنغازي بالذات مع أن العاصمة هي طرابلس؟
يجب أن يفهم الكثير منا أن هذا الفيلم خرج منذ مدة ...وما ظهوره الآن على الساحة الا لتبرير الدخول لليبيا....إسألوا أنفسكم لماذا تم ضرب قنصلية في ليبيا ؟ أمريكا لم تحظ بشيء من نفط ليبيا فضحت بسفيرها من أجل ايجاد مبرر للدخول للاراضي الليبية رغم فوز حزب ليبرالي في الانتخابات ,,,,, هذا استنتاج لأفلام استخباراتية كل شيء ممكن من أجل تحقيق الحلم الامريكي الصهيوني إذا عرفتم أن اسرائيل تحضر حربها على مصر ,,,فهمتم كل شيء...وما تحتاجه إسرائيل هو حليف يسيطر على حدود مصر الغربية من جهة ليبيا (بنغازي) لتحصرها في الوسط ....ثم تشن حربها باسم مقاومة الارهاب....من جهة أخرى السيطرة على ليبيا سيضمن عدم اعتراض أوروبا على الحرب...لأنها لن تواجه مشكلة النفط: لأنه سيتم تأمين حاجياتها من النفط الليبي دون مشاكل لمؤسساتها....هذا ما يعني أن الأحداث الأخيرة ....مصر هي الهدف وليست ليبيا "
فالحكاية لا دخل فيها بفيلم ولا شيء...ولكن افتعال مشاكل لغايات عسكرية بالأساس. في الختام"أمة لا تصنع رصاصة تريد الحرب" فهنيئا لكم أيها العرب بالثورات التي تفتخر بها أمريكا و الأروبيون
الرأي لكم
الموضوع منقول